سأحاول إخوتي الكرام كلما سنحت لي الفرصة أن أحكي قصة أو السبب الذي قيلت فيه بعض أبيات الشعر الرائعة من قبل فحول شعراء البطانة وأحب أن أخص في هذا المقال بعض ما ورد عن أمير شعراء البطانة (الحاردلو) ... وأذكر حسبما ذكر لي الوالد (رحمه الله) وهو كان معاصراً لآل أبوسن وعضواً في محكمة الطندب أيام الإدارة الأهلية، أن ملكة الشعر لدى الحاردلو قد تفتقت لديه وهو ما زال طفلاً في االعاشرة من عمره وكان يجيد الوصف فكان يصف كل شئ وقد كان بعض الشباب من أقربائه يطلبون منه التغني ووصف فتاة معينة فكان يبدع في الوصف وعندما علم والده (شيخ القبيلة) بذلك غضب منه غضباً شديداً وأمره بترك الشعر نهائياً بل حتى الخروج مع الإبل حتى لا يتصيده أصدقاءه وكلفه بجلب وصب القهوة له ولضيوفه وقد أذعن لهذا الأمر وكتم مواهبه الشعرية وفي إحدى المرات حين ناول والده فنجان القهوة وقد كان شيخاً كبيراً في السن فإهتزت يده من الكبر وتدفق بعض القهوة من الفنجان فنظر في وجه أبيه ثم أطرق صامتاً فما كان من والده أن حذر ما بدواخله وما قد يعتلج فيها في هذه اللحظ فسأله (مُحمد مالك؟) فأجاب (مافي حاجة يا أبوي) فرد عليه الأب بحزم (أنا بقوليك مالك؟) فرد الحاردلو (الفي يا بوي منعتني منه) فقال الأب (المرة دي سماح سمّعنا) ... فقال الحاردلو وهو يسترجع حالة أبيه وما أصابه من الكبر:
يا يابا يا ريت الصبا لو بنشري وبنباع
وبي ميتين تنية وتلتمية رباع
ياسحابة المسور البسطت الزرّاع
ويا شدرة المحنة اللمّت الفرّاع
ويا بحر اليسوع الما إنقطع ترّاع
فقال الوالد والله يا ولدي لا بتنقدر لي ولا بقدر عليك أمشي الله معاك ولم يتوقف بعدها عن نظم الشعر حتى مماته.